بسم الله الرحمن الرحيم
تشكلهــم
لاشك أن الجن يتطورون ويتشكلون في صور الانس والبهائم فيتصورون في
صورالحيات والعقارب , وفي صور الابل والبقر والغنم والخيل والبغال
والحمير, وفي صور الطير , وفي صور بن آدم كما أتى الشيطان قريشا في صورة
سراقة بن مالك بن جعشم لما أرادوا الخروج الى بدر قال الله تعالى (واذزين
لهم الشيطان أعمالهم وقال لاغالب لكم اليوم من الناس واني جارلكم فلما
تراءت الفئتان نكص على عقبية وقال أني برئ منكم اني أرى مالاترون اني اخاف
الله والله شديد العقاب) وكماروي أنه تصور في صورة شيخ نجدي لما اجتمعوا
بدار الندوة للتشاورفي أمر الرسول عليه السلام هل يقتلوه أو يحبسوه أو
يخرجوه كما قال الله تعالى ( واذ يمكربك الذين كفروا لثبتوك أو يقتلوك أو
يخرجوك ويمكرون ويمكرالله والله خير الماكرين) وروى الترمذي والنسائي في
اليوم والليلة من حديث صيفي مولى أبي السائب عن أبي سعيد الخدري يرفعه"أن
بالمدينة نفرا من الجن قد اسلموا فاذا رأيتم من هذه الهوام شئيا فأذنوه
ثلاثا فان بدا لكم فاقتلوه"
(فصل)قال القاضي أبو يعلي : ولاقدرة للشياطين على تغيير خلقهم والانتقال
في الصورة وانما يجوز أن يعلمهم الله تعالى كلمات وضربا من ضروب الأفعال
اذا فعله وتكلم به نقله الله تعالى من صورة الى صورة فيقال أنه قادر على
التصوير والتخيييل على معنى أنه قادر على قول اذا قاله وفعله نقله الله
تعالى عن صورته الى صورة أخرى بجري العادة وأما أنه يصورنفسه فذلك محال
لأن انتقالها من صورة الى صورة انما يكون بنقض البنية وتفريق الاجزاء واذا
انتقضت بطلت الحياة واستحال وقوع الفعل من الجملة وكيف تنقل نفسها والقول
في تشكيل الملائكة مثل ذلك (قال) والذي روي أن ابليس تصور في صورة سراقة
بن مالك وأن جبريل تمثل في صورة دحية وقوله تعالى( فأرسلنا اليها روحنا
فتمثل لها بشرا سويا)محمول على ماذكرنا وهو أنه أقدرة الله تعالى على قول
قاله فنقلة الله تعالى من صورته الى صورةأخرى ( قلت) روى أبو بكر بن أبي
الدنيا في كتاب "مكايد الشيطان"فقال حدثنا أبو خشيمة حدثنا هشيم عن
الشيباني عن يسير بن عمرو قال ذكرناالغيلان عند عمر فقال ان أحدا لايستطيع
أن يتغير عن صورته التي خلقة الله تعالى عليها ولكن لهم سحرة كسحرتكم فاذا
رأيتم ذلك فأذنوا. حدثنا محمد بن يزيد الأدمي حدثنا معن بن عيسى عن جرير
بن حازم عن عبدالله بن عبيد بن عمير قال سئل رسول الله عليه السلام عن
الغيلان قال" هم سحرة الجن" . رواه ابراهيم بن هراثه عن جرير بن حازم عن
عبدالله بن عبيد عن جابر ووصله حدثنا محمد بن ادريس حدثنا أحمد بن يونس
حدثنا أبو شهاب عن يونس عن الحسن عن سعد بن أبي وقاص قال أمرنا اذا رأينا
الغول أن ننادي بالصلاة . وقال أبو بكر محمد بن محمد بن سليمان الباغندي
حدثنا أحمد بن بكار بن أبي ميمونة حدثنا غياث عن خصيف عن مجاهد قال كان
الشيطان لايزال يتزيا لى اذا قمت الى الصلاة في صورة ابن عباس , قال فذكرت
قول ابن عباس فجعلت عندي سكينا فتزيا لى فحملت عليه فطعنته فوقع وله وجبة
فلم أره بعد ذلك .
وذكرالعتبي ان ابن الزبير رأى رجلا طوله شبران على بردعة رحلة فقال ماأنت
؟ قال إزب !قال وما إزب ؟ قال رجل من الجن , فضربه على رأسة بعود السوط
حتى ناص أي هرب . ( إزب بكسرالهمزة واسكان الزاي ) وقد قال كثير من الناس
إن الملائكة والجن إنما توصف بأنها قادرة على التمثيل والتصور على
معنىأنها تقدرعلى تخييل وفعل مايتوهم عنده انتقالها عن صورها فيدرك
الراؤون ذلك تخييلا ويظنون أن المرئي ملك أو شيطان وانما ذلك خيالات
واعتقادات يفعلها الله تعالى عند فعل البشر للناظرين فأما أن ينتقل أحد من
صورته على الحقيقة إلي غيرها فذلك محال.
(فصل) قدقدمناأن مذهب المعتزله إن الجن أجسام رقاق ولرقتها لا نراها ,
وعندهم يجوز أن يكثف الله أجسام الجن في زمان الأنبياء دون غيره من
الأزمنة وأن يقويهم بخلاف ماهم عليه في غير أزمانهم قال القاضي عبدالجبار
: ويدل علىذلك مافي القرآن الكريم من قوله تعالى في قصة سليمان بن داود
عليهما السلام إنه كثفهم له حتى كان الناس يرونهم , وقواهم حتى كانوا
يعملون له الأعمال الشاقة من المحاريب والتماثيل والجفان والقدوروالراسيات
, والمقرن في الأصفاد لايكون إلا جسما كثيفا , ثم قال بعد ذلك وأما إقداره
إياهم وتكثيف أجسامهم في غير أزمان الأنبياء فإنه غير جائز لأن ذلك يؤدي
إلى أن يكون نقضا للعادة